لن ولن تصدق طلبات اهالي الشهداء لتقبل عزاء ابنائهم

استمرت حالة الحزن والوجع التي سيطرت على أهالي سمالوط بالمنيا، إثر مذبحة 21 مصريًا ضحايا التنظيم الإرهابي "داعش" في ليبيا، حيث تجمع أهالي الشهداء أمام بيوتهم، رافضين أخذ العزاء من أحد أو الدخول إلى منازلهم، لحين تهدأ نارهم من الصدمة التي تقتلهم، بأي أخبار عن عودة جثث شهدائهم، كي يرقدوا في مكان معلوم يجمعهم بمن بقي حياً.

على أريكة خشبية، يجلس فوزي نجيب، خال الشهيد ميلاد ذكي، بجانب أهالي قريته يبكون على جثامين أبنائهم التي لم يعرفوا حتى الآن مصيرها، يرفض "فوزي" وكل أبناء قريته تلقي العزاء، هكذا قضت الأعراف والتقاليد: "مفيش عزا ولا هندخل بيوتنا غير لما نلاقي جثث ولادنا"، تعلَّق كثيراً الرجل الستيني بأمل أن "ميلاد" سيعود بعد الإعلان عن اختطافه، فلم يتخيَّل أن يرى ابن أخته الوحيدة في يوم مذبوحاً في فيديو على يد إرهابيين، "مكنتش متخيل إني ممكن أشوفه مدبوح في فيديو بالشكل البشع ده، ولا نعرف مكانه بعد كده، إحنا عارفين إننا في حرب والموت علينا حق عشان خاطر بلدنا، ومستعدين يموت مننا تاني وتالت، بس أقل حق لينا إن جثته ترجعلنا بأي تمن، ولو مرجعتش جثثهم كلهم هيبقى الكفار دول موتونا مرة وإحنا بنشوفهم مدبوحين ومرة على جثثهم اللي مرجعتش لينا لأنها أكيد هتبقى اترمت في البحر".

بصوت مخنوق، يحكي "فوزي" عن أسباب سفر "ميلاد" إلى ليبيا قبل عام ونصف العام، لسبب يتعلَّق بالبحث عن رزق انقطع في بلده كغيره من أبناء القرية نفسها ليعملوا عمل واحد، "كان عنده 26 سنة ويوم ماجاتله فرصة السفر كان فرحان جدًا، عشان فضل يدوَّر على شغل كتير ومكنش لاقي ويا ريته ما سافر، ولا جه اليوم اللي نشوفه فيه مدبوح زي الفرخة ولا لاقيين جثته ندفنها حتى"، لم يجد "فوزي" حتى الآن ما يبرد حزن أسرته ولا حزن أهالي شهداء القرية، "إحنا هنفضل بره بيوتنا لحد ما نعرف ولو حتى خبر إن جثثهم راجعة أو لقوها، ولو فضلنا على الحال يبقى ربنا كتب علينا الدبح زيهم بس بالبطيء".